دمرت أكثر من 10 سنوات من الحرب الكثير من جوانب الحياة في سوريا، إذ أمطرت السماء وابلاً من القنابل خلال أشهرٍ طويلة. وما لبث الناجون محاولة النهوض من جديد بما تبقى لهم من قوة، لتندلع حربٌ جديدة من نوعها.
حربٌ لا تتصدر العناوين الرئيسية في الصحافة الغربية، وحربٌ لا تدمر المباني، ولكنها تخنقك السكان بلا رحمة في كل يوم. إنها الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسوريا حاليًا، والتي تُعزى على نحوٍ أساسي إلى العقوبات الاقتصادية الرهيبة التي يفرضها الغرب، مما يؤدي إلى زيادة نسبة البطالة يوميًا في المُجتمع.
وأفادت تقارير الأمم المتحدة مؤخرًا عن أن 80 بالمئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر. وبناءً على ما سبق، قررت منظمة SOS مسيحيي الشرق تمويل إعادة بناء 33 متجرًا في منطقة الراموسة الصناعية جنوب مدينة حلب من أجل إنعاش النشاط الاقتصادي لـ 33 رب أسرة عاطل عن العمل.
تشهدُ كل الجدران والمعامل في المناطق الصناعية بحلب على عنف الصراع الذي شهدته المنطقة خلال سنوات الحرب. فلم تترك السنوات العشر من الصراع واحتلال الجماعات المسلحة للضواحي أي فرصة للحرفيين وأصحاب المتاجر للنجاة، فأجبروا على النزوح أو الهجرة.
وتُخفي كلمة “النزوح” في طياتها وقائعًا وقصصًا شخصية لا تعد ولا تُحصى، إلا أنها تتشارك جميعها في أمر واحد: وهو خسارة تعب السنين واستثمارات مالية وجهد وعاطفة كبيرة. فأصحاب كراجات السيارات وورش التصليح الميكانيكي ومتاجر قطع الغيار، هم ضحايا الحرب بعدَ أن كانوا سابقًا أفراد بارزين في النشاط الاقتصادي المزدهر الذي لطالما عاشته حلب حتى إندلاع الحرب.
أما اليوم، فقد أصبحوا عاطلين عن العمل، ومع إنفجار الأسعار في السوق وانخفاض القوة الشرائية، لم يعد بإمكانهم توفير الاحتياجات الأساسية لعائلاتهم.
لقد حان وقت إعادة الإعمار وإنعاش مهنهم، حتى لا يضيع عرق جبينهم هباءً، وحتى يصبح النزوح بالنسبة إليهم مجرد فاصل حزين وليس قدرًا حتميًا، وقبل كل شيء حتى لا يُحكم على معاناتهم بالنسيان.
ترزحُ سوريا تحت وطأة ركود اقتصادي غير مُنتهِ وأزمة اقتصادية غير مسبوقة، وتخنقها العقوبات التي تحول دون السماح بالتعافي. فأول ضحايا تلك الأزمات هي الطبقات الوسطى والدنيا.
من خلال عطائكم، مهما كان مُتواضعًا، ستمدون يد العون إلى هؤلاء الآباء اليائسين ليعودوا إلى العمل مرة أخرى.
بدأتُ حياة جديدة بفضل منظمة SOS مسيحيي الشرق. ففي كل مرة كنت أذهب فيها لرؤية متجري المدمر، كنت أشعر بالاكتئاب، ولكنني الآن أشعر بالأمل عندَ رؤيته.