“يا أيها الشامخ فوق الوديان، والمُتربع على جبل الفاف، يا ملجأ الخِراف الضالة، أنت الذي أتيتُ أليك اليوم من بعيد. يا دير مار متى أقدم من تاريخ العالم. هل علمَ بناؤوك قبل آلاف السنين وتحديدًا في عام 363 ميلادي، أنك ستبقى شامخًا حتى عام 2024 بقدرة الرهبان وإدارتهم؟ هل علموا أنّه بعد ألفي عام، سيكون السريان الأرثوذكس حاضرين دئمًا لحراستك ورفع الصلوات فيك ليل نهار هل علموا أن المؤمنين والمُكرسين من أبناءك سيواجهون وينجووا من عدة مجازر واعتداءات على غرار ما حدث عام 1171، أو اجتياح داعش مؤخرًا؟
يا من رأيت عشرات آلاف العمال يتصببون عرقًا لتشييدك، مهيبًا وجليلًا، برخام الموصل الرمادي الذي يمكن للمرء رؤية مقالعه من أعلى أسوارك، ومن حجارة الأرض المحيطة بك، ومن زخرفات ذهبية لتعظيم وتمجيدا ملك السماوات والأرض. آتيك اليوم بكل تواضع لأساهم بكل ما استطيع في هذا الصرح العظيم.
عزيزي دير مار متى، لقد عانيتَ وقاومت كثيرًا، لذا جئتُ لمساعدتك. فقيلَ لنا منذ بضعة أيام أن سردابك يحتاج لصيانة، إذ يتساقط الجص من أروقتك ويتكسرُ الرخام. هل سئمت الحياة أيها الدير العزيز؟ هل مللت تاريخك الضاربة جذوره بعدًا في الأرض؟ لا، لم تحن بعد ساعة الاستسلام. آهٍ لو عرفت كم الرجاء الذي تعطيه للمؤمنين الذين يتأملونك متربعًا على جبلك. لا، أنا هنا من أجلك وجئت بالعتادِ اللازم.
لم أتلق أي تدريب في مهن البناء، ولم أعمل قط فيه، لكن لا شيء سيوقفني. سأحاول، ومعًا سنعيد بناءك. سأجربُ آلة ثقب الصخور لإزالة الجص الذي يخنق أقواسك، لكنني أخشى أن أؤذيك، فأنت تبدو هشًا للغاية بالنسبة لي. ولكي أتركك ترتاح قليلًا، سألتقط أكوام الجص المتناثرة على الأرض وألقيها من النافذة إلى حاوية كبيرة.
عزيزي ديرمار متى، على الرغم من مشقة العمل هنا إلا أننا ندرك الغاية منه، وهي أن تبقى ألفي سنة أخرى شامخًا فوق سهل نينوى، كي يتأملك مسيحيو المشرق لألفي سنة أخرى وكي لا يخسرون الرجاء. كي يبقى الأمل في أرض يونان وناحوم وإبراهيم وكي تحيا المسيحية إلى أبد الآبدين. لقد شهدتَ العديد من التجارب على مر الزمن، ولكن طالما هناك أشخاص على هذه الأرض ملتزمين بحراستك أيها الأرض المقدسة، أعدك بأنك ستظل أنت رمز قوة المسيح وإيمان الشهداء المسيحيين.”